«العبرة بالنّتيجة»، هذا هو الشّعار الأكبر، والأبرز الذي رفعه الترجي بقيادة عمّار السويح، ونجح زملاء بن شريفيّة في تجسيمه على أرض الواقع خلال الجولات الثلاث الأولى من السّباق نحو اللّقب الذي يعدّ المطلب الأوّل للجمهور الغفير لشيخ الأندية التونسيّة في موسم الأحلام.
وعانى الترجي الأمرين في المحطّات الثلاث الأولى، لكنّه كسب مع ذلك الرّهان، وحقّق العلامة الكاملة أمام «القوابسيّة»، و»الباجيّة»، و»المرساويّة»، وجمع ستّ نقاط خارج الديار، علاوة على ثلاث أخرى بحضور الأنصار في رادس.
بداية مثالية
فنيا، تعتبر الانطلاقة الترجيّة في سباق البطولة المحلية مثاليّة بحكم أنّ الفريق حقّق المهمّ، وجمع كلّ النقاط الممكنة، ويتصدّر مجموعته برصيد تسع نقاط بالشّراكة مع جاره (الذي خاض مواجهة خارج قواعده، ومقابلتين في رادس). وسجّل فريق السويح بذلك تقدّما واضحا مقارنة بالجولات الثلاث الأولى من بطولة الموسم الماضي التي لم يجن فيها الترجي سوى ستّ نقاط بعد هزيمة في المرسى، وفوزين متتالين على المتلوي في رادس، والاتحاديين في بن قردان.
دلالات الأرقام
لو قمنا بقراءة لمسيرة لفريق «الدّم والذّهب» إعتمادا على الأرقام – كما فعل المدرّب عمّار السويح – فإنّنا سنلاحظ حتما أنّ المؤشرات ايجابية بحكم أنّ النادي حصد ثلاثة بل ستة انتصارات متتالية بين بطولة، وكأس. وقبض الفريق مع السويح على «الأميرة» التونسية بعد غياب دام خمس سنوات، ثمّ استهلّ سباق «المحترفين» بثلاثة انتصارات. وتحرّكت «الماكينة» الترجيّة في ستّ مناسبات في البطولة: أي بمعدّل هدفين في كلّ لقاء. ولم تتلقّ شباك بن شريفية سوى هدف يتيم، ليكون بذلك الفريق صاحب أفضل خطّ دفاع في المجموعة الثانية رغم التغييرات التي شهدتها المنطقة الخلفيّة مع انطلاق السّباق بعد الاصابة التي تعرّض لها الوافد الجديد هشام بلقروي، وتعويضه بالمشاني.
مكاسب أخرى
بالتوازي مع أهميّة الانتصارات التي حقّقها الترجي في البطولة المحليّة بفضل الواقعيّة الكبيرة، والنّجاعة القياسيّة أمام الخصوم، ظهرت عدّة مؤشرات أخرى ايجابيّة يمكن أن نختزلها في الدّور البارز، والحاسم للمهاجم طه ياسين الخنيسي الذي ارتدى ثوب «المنقذ»، وأخذ على عاتقه مسؤولية تسجيل نصف الأهداف الترجيّة. كما لفت غيلان الشّعلالي، ومعز بن شريفيّة الأنظار. ولا جدال حول مساهمتها الجليّة في نجاحات الترجيين في الجولات الأولى من سباق «المحترفين» الذي استغلّ فيه الفريق كما يجب سلاحه التلقيدي، والقوي وهو الكرات الثّابتة. كما أنّ الفرصة كانت مناسبة ليواصل المدرّب إدماج المنتدبين الجدد، ولاشكّ في أنّ صاحب، وأيضا صانع الهدف الثاني أمام «القناويّة»، وهما منصر، واللّيبي زعبيّة استفادا كثيرا من الظهور في مستهلّ البطولة للتعوّد على نسق المواجهات الرّسمية.
الصّداع المعتاد
ونأتي في الشّطر الثّاني من هذه القراءة الموضوعيّة لمسيرة شيخ الأندية في البطولة، للنّقطة المثيرة للجدل، وللجانب الذي يحيّر الأنصار، ويشغل ليلا نهارا بال المدرّب عمّار السويح. والحديث طبعا عن غياب الاقناع الذي حضر أثناء حوار الأجوار في نهائي الكأس ثمّ غاب مع انطلاق البطولة. وكان الفريق قد واجه مصاعب، ومتاعب واضحة أمام «الستيدة» في رادس. وكان الأداء العام عاديا إن لم نقل باهتا في المرسى، وباجة رغم النّجاح في الخروج بنقاط الفوز. ولم يخف السويح نفسه الصّعوبات التي اصطدم بها فريقه، ولم ينكر وجود الكثير من الهنّات التي وجب تداركها في أقرب الآجال تجنّبا للـ»غصرات» التي تثير حفيظة المحبين خاصّة في ظلّ توفّر زاد بشري كبير كمّا وكيفا، وقياسا بحجم التّضحيات التي يبذلها المسؤولون في سبيل مراكمة النّجاحات، وحصد التتويجات.
مسؤولية مشتركة
قلنا في وقت سابق إنّ تطوّر أداء الترجي مسؤولية مشتركة يتحمّلها المدرّب، واللاّعبون. ومازلنا نلحّ إلحاحا على أنّ النجاح في تحقيق المعادلة الأصعب في كرة القدم، وهي الجمع بين النتيجة، والأداء ليس بالأمر الهيّن حتّى أنّ أشهر المنتخبات في العالم فشلت في بعض الفترات في تجسيمها (بما في ذلك البرازيل). ولابّد أن ترتكز «فلسفة» السويح على ملامح عامّة ثابتة، يتعايش معها أبناؤه، ويتقنون أساسياتها بمرور الوقت، لكن ذلك لا يعني «الجمود»، والتمسّك بالخيارات ذاتها بل أنّ هذا «التكتيك» في حاجة بين الحين والآخر إلى لمسة إضافيّة، وتعديلات استثنائية تتماشى ونوعيّة المنافسين، وتستجيب لمتطلّبات كلّ لقاء. ولا نجاح لـ»تكتيك» السويح على الميدان دون ارتقاء أداء جميع اللاّعبين بداية بالحارس وصولا إلى المهاجم. ولاشكّ في أنّ تجاوز الصّعوبات الحاليّة رهن «التدخّل» العاجل الذي سيقوم به الإطار الفني على مستوى خططه، وتوجّهاته، ورهن «استفاقة» المباركي، وشمّام في الخانتين اليمنى، واليسرى، والتحسّن المرتقب لأداء المنظومة الدفاعيّة بعد أن ينجح الذوادي في تقديم مردود منتظم، ويعود بلقروي، وهذا فضلا عن ضرورة تواصل «هيجان» غيلان، ونجاح ساسي في الارتقاء بمردوده دفاعا، وهجوما إلى مستوى التطلّعات، والمليارات التي أبرمت بها صفقته. وينسحب الأمر ذاته على بقية العناصر في الوسط، والهجوم بما في ذلك الخنيسي الذي سجّل ثلاثية، لكنّه قادر بشهادة الجميع على الأفضل، وذلك ما ينتظره الجمهور الحالم برؤية فريق عتيد يسيطر بالطّول والعرض على البطولة، ويثبت أنّه في أوج العنفوان للعودة إلى رابطة الأبطال من أوسع الأبواب. بقي أن نشير إلى أنّ الفريق سيواجه وديا نجم الفحص يوم السّبت القادم، وسيبدأ الاصلاح انطلاقا من اليوم عندما يستأنف الفريق التمارين في حديقته، ويأمل أهل الدار أن يستغلّ النادي توقّف نشاط البطولة لتدارك كلّ النقائص.